رياضات أخرى

نوتنغهام فوريست “آيسبورغ” إنجلترا

أحمد التازي/ 27 دجنبر 2022

نوتنغهام فوريست هو أحد الفرق الإنجليزية العريقة، وكلمة “آيسبورغ” التي أشرت إليها في العنوان تعني بالإنجليزية جبل جليدي ضخم وسط المحيط، ويظهر فقط جزء صغير منه فوقه، وهذا هو نوتنغهام فوريست لك أن تتخيل أن هذا النادي المغمور والذي قلما يعرفه البعض (خاصة قبل صعوده إلى الدوري الإنجليزي الممتاز) حاصل على دوري الأبطال أكثر من مانشستر سيتي، أرسنال، وتوتنهام، وهي ثالث أكثر فريق في تاريخ إنجلترا متوجا بصاحبة الأذنين مناصفة مع تشيلسي، والأكثر من ذلك استطاع أن يحصل على لقبين متتاليين.

فمن يكون هذا الفريق؟ وماهي ألقابه؟

كيف استطاع الظفر بلقب دوري الأبطال؟

تأسس فريق نوتنغهام فوريست سنة 1865 على يدي لاعبي فريق شينتي للهوكي، سمي الفريق باسم المدينة التي ينتمي إليها نوتنغهام، ملعبه سيتي غراوند يسع 30576 متفرج، ما يجعله في المركز الرابع والعشرين من قائمة أكبر ملاعب كرة قدم في إنجلترا.

تمكن الفريق من تحقيق بطولته الأولى سنة 1898 بعدما استطاع تحقيق كأس الاتحاد الإنجليزي على حساب ديربي كاونتي بثلاثة أهداف لهدف سجل منها آرثر كابيس هدفين والمدافع جون ماك فيرسون، فيما سجل لديربي كاونتي ستيف بلومر، ليغيب بعد ذلك الفريق عن منصات التتويج لمدة تجاوزت واحد وستون عاما، قبل أن يقودهم المدرب بيلي والكر لتحقيق البطولة نفسها سنة 1959 بعدما انتصروا على ليتون تاون بهدفين لهدف سجل للريدز تومي ويلسون وروي دوايت، فيما سجل للفريق المنهزم دايف باصي، ليبدأ الفريق كما كان سابقا تتذبذب نتائجه بين السقوط إلى دوري الدرجة الأولى وبين العودة وأبرز ما حققه بعد ذلك هو وصافة الدوري الإنجليزي الممتاز موسم 1966-1967 مناصفة مع نادي توتنهام برصيد ستة وخمسين نقطة بقيادة المدرب الإيرلندي جوني كاري.

فترة الفريق الذهبية كانت عندما جاء المدرب بريان كلوف في يناير 1975 ليعوض الإسكوتلندي آلان براون، تعاقد برايان مع الثنائي جون أوهاير وجون ماك أوفرين من فريقه السابق ليدز يونايتد، ثم أعاد كلوف جون روبرتسون ومارتن أونيل مرة أخرى إلى بعدما كانا قد طلبا الرحيل تحت قيادة المدرب السابق، كما ظهر فيف أندرسون لأول مرة مع الفريق الأول وأصبح لاعبًا أساسيًا، كان يحتل الفريق آنذاك المركز الثالث عشر في الدرجة الثانية لكرة القدم الإنجليزية عندما انضم كلوف وأنهوا الموسم السادس عشر.

في أول موسم كامل لكلوف مع الفريق 1975/ 1976، وقع مع فرانك كلارك في الانتقالات الصيفية في صفقة انتقال حر، لينهي الموسم باحتلال نوتنغهام فورست المركز الثامن، ليقوم كلوف بتعيين بيتر تايلور مساعدا له بعدما كانا قادا معا نادي ديربي كاونتي للفوز بالدوري الإنجليزي في السابق، لينطلق بعد ذلك موكب نوتنغهام فوريست في حصد الأخضر واليابس حيث كان للمساعد بيتر تايلور الدور الأكبر في كل ما سيتحقق بعدما وبخ فور مجيئه اللاعب جون روبرتسون بسبب زيادة الوزن وأهم قرار اتخذه تايلور كان تحويل مركز اللاعب توني وودكوك من لاعب خط الوسط إلى مهاجم، فيما دخل نوتنغهام سوق الانتقالات الصيفية بشكل قوي موسم 1976/1977 بتعاقده مع المدافع لاري لويد والمهاجم بيتر وايت، ليتمكنوا من تحقيق الصعود إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بحصولهم على المركز الثالث، وراء كل من وولفرهامبتون وتشيلسي، وبفارق نقطة وحيدة فقط عن المركز الرابع.

صيف موسم 1978/1977 وأول مواسم كولف مع الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز تعاقد الفريق مع المدافع الشاب كيني بارنس قادما من بيرمنغهام بتوصية خاصة من مساعده تايلور والحارس بيتر شيلتون من ستوك سيتي وبصفقة تجاوزت 300 ألف جنيه إسترليني، بداية الموسم كانت ممتازة بانتصاره في افتتاحية الدوري على إيفرتون بثلاثية لهدف سجل للريدز كل من بيتر وايت، جون روبيرتسون ومارتين أونيل، وقدم نوتنغهام فوريست موسما تاريخيا بخسارته لثلاث مباريات فقط من أول 16 مباراة في الدوري كان آخرها في ليدز يونايتد، لتنهي الموسم في الصدارة برصيد 64 نقطة وصاحب أقوى دفاع بتلقيه ل 24 هدفا فقط في 42 مباراة، وبفارق سبع نقاط عن الوصيف ليفربول المتوج بدوري الأبطال في ذلك الموسم، وليدخل التاريخ كلوف كأول مدرب يقود نوتنغهام لتحقيق لقب الدوري الإنجليزي الممتاز ولحدود كتابة هذه الأسطر هو الوحيد، في نفس الموسم استطاع تحقيق لقب كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة على حساب ليفربول في لقاء الإعادة بهدف جون روبيرتسون عن طريق ركلة جزاء، وذلك بعدما انتهى اللقاء الأول بالتعادل السلبي.

إذا كان الموسم الماضي أسطوريا بتحقيق ثنائية الدوري والكأس فموسم 1978/1979 فاق كل التوقعات، فبعد صيف هادئ على مستوى الصفقات داخل البيت الأحمر بدأ الموسم الرياضي بتحقيق لقب درع الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بعد انتصاره على إيبسويتش تاون بخماسية نظيفة، تناوب على تسجيلها كل من مارتن أونيل هدفين، وبيتر وايت، لاري لويد، وجون روبيرتسون، في الدوري الإنجليزي بدأ حملة الدفاع عن اللقب بسلسلة تعادلات متتالية أمام كل من توتنهام، كوفنتري سيتي، إيفرتون وويست بروم، قبل أن يكسرها بانتصار على أرسنال بهدفين لهدف، وبسبب كثرة التعادلات التي وصلت إلى 18 تعادلا فقد اللقب لصالح ليفربول الذي انفرد بالصدارة بفارق ثمان نقاط ولم يظفر باللقب فقط بل كسر ليفربول سلسلة مباريات فورست الـ 42 التي لم يهزم فيها الدوري السباق حيث تجاوز الرقم القياسي السابق البالغ 35 مباراة الذي سجله بيرنلي في موسم 1920/21.

خسارتهم للدوري لم يفقدهم عزيمتهم بل دخلوا منافسات دوري الأبطال من المنافسة عليه وهذا ما حدث بتجاوزهم في الدور الأول مواطنهم ومنافسهم المحلي ليفربول بهدفين نظيفين في إجمالي المباراتين، في دور 16 لم يستطع أيك أثينا اليوناني الوقوف في وجه العملاق الأحمر آنذاك وتجاوزهم كلوف بما مجموعه سبعة أهداف لهدفين، في دور الربع واجهوا غراسوفر زيورخ السويسري وتفوقوا عليهم بمجموع المباراتين بخمسة أهداف مقابل هدفين، لتتعقد الأمور في لقاء النصف عندما واجهوا كولن الألماني بحيث انتهى لقاء الذهاب بالتعادل الإيجابي ثلاثة أهداف داخل كل شبكة، قبل أن ينتصر نوتنغهام فوريست بهدف يتيم، ليتأهلوا بذلك إلى نهائي الحلم ويواجهوا مالمو السويدي غير أن هدف فرنسيس أهدى اللقب للريدز بقيادة الربان الذي دخل أساطير الكرة الإنجليزية عامة وليس فقط لنوتنغهام فوريست.

ألقاب نوتنغهام فوريست في هذا الموسم لم تنتهي بل حققوا كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة للمرة الثانية على التوالي وهذه المرة على حساب ساوثمبتون بثلاثة أهداف لهدفين سجلها كل من وودكوك هدف وغاري بريتلز هدفين.

بعد كل هذه الإنجازات الكبيرة والتي أتت خلال فترة فصيرة من صعود الفريق إلى الدرجة الممتازة كان الجميع يعتقد بأن الفريق سيهيمن لفترات طويلة على الكرة الإنجليزية والأوروبية، حتى فوزه في افتتاح موسم 1979/80 بكأس السوبر الأوروبي على حساب برشلونة الإسباني بهدفين لهدف في مجموع المباراتين، لم يستطيعوا المواصلة في الدوري واحتلوا الرتبة الخامسة بفارق 12 نقطة عن البطل ليفربول، لكنه فاجئ الجميع بتحقيقه لدوري أبطال أوروبا للمرة الثانية على التوالي هذه المرة على حساب هامبورغ بهدف روبيرتسون.

وكما يقال من السهل الصعود إلى القمة ولكن الأصعب هو كيف تحافظ عليها، بحيث بدأ يبتعد شيئا فشيئا عن منصات التتويج حيث انهزم في السوبر الأوروبي أمام فالنسيا بأفضلية الهدف بعدما انتهى مجموع لقائي الذهاب والإياب بالتعادل هدفين داخل كل شبكة، حتى الدوري بدأ يتراجع مستواهم بحيث أصبحوا يحتلون مراكز بعيدة حتى عن المراكز الأوروبية، ولم يحقق بعد ذلك سوى كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة مرتين عام 1989 و1990، ليعلن بعد ذلك المدرب التاريخي للنادي برايان كلوف رحيله عن الفريق بعد مسيرة طويلة قضاها داخل أسوارها، وألقاب حققها لم يكن أشد المتفائلين يتخيل بحدوثها يوما، رحل لتبدأ سفينة الريدز في الغرق إلى أن جاء موسم 2021/2022 ويعلن عن عودة الريدز إلى الدرجة الممتازة بعد سنوات قضاها في الدرجة الثانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى